بدأت مرحلة جديدة من الاستيطان البشري في شبه الجزيرة العربية عندما استقرت قبيلة بني حنيفة في المنطقة على ضفاف وادي حنيفة بقيادة عبيد بن ثعلبة. حيث اختار حجر اليمامة اسطبلًا له ولعشيرته عام 430 م، ثم ازدهرت “حجر” لتكون أعظم مدينة اليمامة، وكان يقودها ملك اليمامة في عصره: ثمامة. بن أثال الحنفي صاحب القصة الشهيرة مع الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
تعاقبت الأحداث على الجزيرة العربية وعاشت فترات إهمال وانقسام وانقسام حتى أسس الدرعية الأمير مانع بن ربيعة المرادي عام 850 هـ / 1446 م، الجد الثاني عشر للملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود. الجد الثالث عشر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وجد الرابع عشر لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع. كان إنشاء الدرعية نقطة تحول سياسية في تطبيقها لنظرية الدولة-المدينة الجاهزة للتوسع مع الأيام، في حين كان لدولة المدينة تاريخ طويل في منطقة شبه الجزيرة ؛ حيث كانت يثرب في بداية هجرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم مثالاً واضحًا لدولة المدينة.
في عهد الإمام محمد بن سعود تأسست الدولة السعودية الأولى عام 1139 هـ / 1727 م وعاصمتها الدرعية، واستمرت حتى عام 1233 هـ كامتداد للدولة السعودية الأولى، وبعد نهايتها الثانية. تأسست الدولة السعودية على يد الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود من عام 1240 – 1309 هـ، ثم بعد نهايتها أسس الملك عبد العزيز آل سعود عام 1319 هـ، والتي تشهد اليوم تطورات واسعة خلال فترة حكم الملك عبدالعزيز. في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وبدعم من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود. يستحق هذا التاريخ العميق أن يتذكره شعب المملكة العربية السعودية. إنه يعكس التاريخ الطويل لبلدنا، والذي يمتد إلى أكثر من 3 قرون ؛ ولهذا صدر الأمر الملكي الكريم اليوم بأن يكون يوم 22 فبراير من كل عام يوماً لإحياء ذكرى تأسيس الدولة السعودية تحت مسمى “يوم التأسيس”. شكلت المملكة عبر تاريخها وزناً سياسياً في المنطقة، مستفيدة من موقعها الجغرافي المتميز وحكمة قادتها لجعلها نقطة توازن إقليميًا وعلى مستوى الشرق الأوسط، بينما المنعطفات التاريخية أن أكدت الدولة السعودية مدى ارتباطها بأبناء المملكة وإخوانهم في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. تتميز اللغة العربية بعلاقات عميقة امتدت لقرون عديدة وترسخت عبر السنين، وما نراه اليوم هو نتاج أصول الآباء والأجداد.
وفيما يتعلق بتحديد تاريخ يوم التأسيس، فقد استنتج المؤرخون هذا التاريخ بناءً على عدد من الأحداث التاريخية التي وقعت في تلك الفترة قبل وبعد تولي الإمام محمد بن سعود الحكم في الدرعية عام 1139 هـ. الدولة السعودية الأولى، التي حدثت في عهده على مراحل، جمعت شطري الدرعية وتقويتها لتكون عاصمة الدولة، والاهتمام بالشؤون الداخلية، وتقوية مجتمع الدرعية، وتوحيد أفرادها. الدولة السعودية الأولى شهدت تنظيم الموارد الاقتصادية والتفكير في المستقبل. حيث أحب الإمام محمد بن سعود العزلة والتأمل والتأمل ؛ هذا يدل على شخصيته في الاستقراء والتداول والرؤية المستقبلية. في هذا العصر تم بناء حي جديد في سمحان، وهو حي الطريفة، وكان الانتقال إليه بعد حي الغصيبة مركز الحكم لفترة طويلة.
يمثل يوم التأسيس مناسبة وطنية عزيزة تدل على صلابة واستقرار مؤسسة الحكم ونظام الدولة في المملكة العربية السعودية لأكثر من ثلاثة قرون. منذ قيام الدولة السعودية الأولى في عهد الإمام محمد بن سعود، وهي تقوم على مبادئ الإسلام الصحيحة، والحكم الرشيد، والتنمية المستمرة للبلاد، وتعزيز مكانتها محلياً وإقليمياً وعالمياً، كانت خدمة القبلتين وضيوف الرحمن على رأس أولويات أئمة الدولة السعودية ووراثها من قبل ملوك المملكة حتى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود. استمرت الانجازات في عهد هذه الدولة. ومنها: نشر الاستقرار في الدولة التي شهدت استقراراً وازدهاراً كبيرين في مختلف المجالات، واستقلال سياسي وعدم التعرض لأي نفوذ في المنطقة أو خارجها، ودعم البلدات المجاورة لتعزيز الاستقرار، مثل: مساعدة أمير منطقة الرياض على توطيد حكمه وإرساء الأمن. بالعودة إلى تاريخ الدولة السعودية “الدرعية”، حكم الأمير منيع المرادي وأبناؤه وأحفاده الدرعية، التي أصبحت مركزًا ثقافيًا، تتميز بموقعها الجغرافي كونها ملتقى طرق التجارة بين الشمال. وجنوب شبه الجزيرة العربية. مما ساهم في تنشيط الحركة التجارية فيها وفي المناطق المجاورة.
في عهد الإمام محمد بن سعود وأئمته من بعده، أصبحت مدينة الدرعية عاصمة لدولة مترامية الأطراف، ومصدر جذب اقتصادي واجتماعي وفكري وثقافي، واحتضنت على ترابها معالم أثرية قديمة مثل : حي القصيبة التاريخي وحي سمحان و “حي الطريف” الذي وُصف بأنه من أكبر الأحياء الطينية في العالم، وقد تم تسجيله في قائمة التراث الإنساني في منظمة اليونسكو ومنطقة البجيري والدرعية. بالإضافة إلى النظام المالي للدولة الموصوف بأنه من الأنظمة المتميزة من حيث موازنة الموارد والنفقات. هاجر كثير من العلماء إلى الدرعية من أجل الحصول على التعليم والتأليف الذي كان سائداً في ذلك الوقت. أدى ذلك إلى ظهور مدرسة جديدة في الخط والنسخ، وبعد سقوط الدولة السعودية الأولى استطاع الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود استعادة الرياض عام 1240 هـ / 1824 م بعد سبع سنوات من العمل والنضال.، واستدار الناس حوله والعائلة المالكة مرة أخرى. تمكن الإمام تركي من توحيد معظم أجزاء شبه الجزيرة العربية في فترة قصيرة، مواصلاً النهج الرصين الذي قامت عليه الدولة السعودية الأولى. وهي حفظ الأمن والتعليم والعدالة والقضاء على الانقسام والخصومة، واستمرت الدولة في حكم المنطقة حتى عام 1309 هـ / 1891 م.
بعد فراغ سياسي وفوضى في وسط الجزيرة العربية استمرت قرابة عشر سنوات، استطاع الملك عبد العزيز آل سعود – رحمه الله – في الخامس من شوال 1319 هـ – الخامس عشر من يناير 1902 م إعادة- إقامة الدولة السعودية بعد أن استعاد مدينة الرياض لتبدأ صفحة جديدة من صفحات التاريخ السعودي ويضع لبنة من الوحدة والاستقرار والتنمية تحت شعار “لا إله إلا الله محمد رسول الله”. . ” في السابع عشر من جمادى الأولى 1351 هـ الموافق 23 سبتمبر 1932 م، أعلن الملك عبد العزيز توحيد المملكة العربية السعودية بعد أحداث تاريخية استمرت 30 عامًا. واصل أبناؤه الملوك من بعده نهجه في تعزيز لبنات البناء والاستقرار والتنمية حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وسمو ولي العهد. تشهد المملكة في هذا العصر الميمون المزيد من التطور والنهضة في ظل الرؤية الطموحة لرؤية المملكة 2030.